يواصل مركز الثقافة الأسرية التابع للعتبة العباسية المقدسة تنفيذ برنامجه التوعوي "ربيع الثقافة المعرفي"، الذي انطلق في محافظة النجف الأشرف بالتعاون مع معهد القرآن النسوي، مستهدفًا شريحة الطالبات من مختلف المراحل الدراسية، عبر سلسلة من المحاضرات التربوية والنفسية والتنموية. وتطرقت المحاضرات التي قُدّمت خلال الأيام الماضية إلى مجموعة من المحاور المعاصرة التي تمسّ واقع الفتاة المسلمة وتحدياتها اليومية، من بينها "أثر الحداثة والتطور في حياة الإنسان" الذي قدّمته المرشدة زينب فاطمي، وسلّط الضوء على التأثيرات المتباينة للتكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة، وما تتركه من انعكاسات على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، داعيةً إلى تبني وعي نقدي يوازن بين الإفادة من الحداثة والحفاظ على القيم الأصيلة. تضمّن البرنامج أيضًا فقرة تأملية بعنوان "حديث لم يُقَل" قدّمتها المرشدة كواكب عبد الستار، هدفت إلى فتح مساحات داخلية للتعبير والتأمل في الذات، وتدريب الطالبات على أدوات بناء الشخصية على وفق رؤى مستوحاة من سيرة أهل البيت (عليهم السلام). وفي سياق موازٍ، طُرحت مواضيع أخرى تمسّ البناء الداخلي للفتاة، أبرزها محاضرة "كيف تُضيف لحياتك حياة؟" التي ركّزت على مهارات صناعة المعنى والوعي الذاتي، ومحاضرة "التوازن النفسي في ظل الضغوط" وكانت عن أساليب التعامل مع التوتر اليومي وضغوط الواقع الدراسي والأسري، فضلًا عن محاضرة "كيف تترك انطباعًا إيجابيًّا؟" التي ناقشت أهمية اللقاء الأول وتأثيره على الصورة الذهنية، مشددةً على دور الصدق ولغة الجسد في بناء علاقات ناجحة. من جانبها، صرّحت مديرة المركز السيدة سارة الحفّار قائلة: "إن برنامج ربيع الثقافة المعرفي يأتي استجابةً لحاجة الفتيات إلى خطاب معرفي متوازن، يجمع بين التأصيل القيمي والمعالجة النفسية المعاصرة، ونحن نهدف من خلال هذه الفعاليات إلى تقديم محتوى حيّ ومؤثر يعزز مناعة الطالبات الفكرية والسلوكية، ويمنحهن أدوات حقيقية للتفاعل الواعي مع الواقع". ويستمر البرنامج على مدى شهرين، متضمنًا زيارات ميدانية إلى عدد من المؤسسات التعليمية في محافظة النجف، ويُعدّ أحد أبرز البرامج الفصلية التي يتبنّاها المركز ضمن استراتيجيته في تثقيف المرأة معرفيًا ونفسيًا، وترسيخ الوعي القيمي في الأوساط التعليمية النسوية.