تفاصيل الحلقة

الحلقة العاشرة: الاستعاذة من قلة القناعة

28 ذو الحجة 1446
مشاركة الحلقة
image

إعداد وإخراج: نور حسن تقديم: هند الفتلاوي الضيفة: سبأ وعد الله/ استاذة حوزوية وباحثة اسلامية إنّ القناعة من أعظم أبواب الطمأنينة، وأرقى مراتب الرضا، وقد عبّر عنها الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعائه المعروف في الصحيفة السجادية، حين استعاذ قائلاً: "اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَانِ الْحِرْصِ، وَسَوْرَةِ الْغَضَبِ، وَغَلَبَةِ الْحَسَدِ، وَضَعْفِ الصَّبْرِ، وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ". فقلّة القناعة ليست مجرد سلوك سلبي، بل هي حالة داخلية من الجشع والضيق والتكالب على متاع الدنيا، تؤدي إلى ضياع التوازن النفسي، وتشوّه العلاقة مع الذات والناس ورب العالمين. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "خيار أمتي القانع، وشرارهم الطامع". فالمقياس الحقيقي للشرف الإنساني هو الرضا، لا التراكم، وهو الاكتفاء، لا الطمع، وجاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: "انزل ساحة القناعة باتقاء الحرص، وادفع عظيم الحرص بإيثار القناعة". فمن أراد القناعة، فعليه أن يُجاهد طمعه، ويُطهّر قلبه من حرصٍ لا يُشبع. أما القرآن الكريم، فقد صوّر القانع المتعفف بأجمل صورة في قوله تعالى: "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ، لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا". وهذا وصفٌ دقيقٌ للمؤمن الذي يخفي حاجته، ويعلو بعزّة النفس عن سؤال الناس. وقال الإمام الصادق (عليه السلام): "انظر إلى من هو دونك في المقدرة، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإنّ ذلك أقنع لك بما قسم لك". وفي هذا التوجيه، علاجٌ عملي للقلب في زمن تسوده المقارنات والماديات. خلاصة القول: القناعة ليست تخلّفًا عن التقدّم، بل هي ميزان الحكمة، وباب الراحة، وأساس التوازن بين الطموح والرضا، وهي خلقٌ تربوي يجب أن يُغرس في النفوس منذ الصغر، في زمنٍ يعزز ثقافة الاستهلاك ويُربك الإنسان بكثرة المقارنات. فليكن دعاؤنا الدائم كما علّمنا الإمام السجاد (عليه السلام): "اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، والقناعة في معيشتي".