تفاصيل الحلقة

الحلقة الثانية: منصات التواصل الاجتماعي والحرب الناعمة

1445
مشاركة الحلقة
image

إعداد وتقديم: زهراء الطالقاني. المونتاج الإذاعي: رؤى جميل. الضيفة: سارة الحلو - تدريسية و باحثة اجتماعية ومعاونة إدارية في مكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العباسية المقدسة - بكالوريوس علوم كيمياء. منصات التواصل الاجتماعي والحرب الناعمة محور الحلقة حديثنا في هذه الحلقة سيكون عن فلسفة التواصل الاجتماعي وإشاراتها، مع تعريف موجز للحرب الناعمة إذ تعرف بأنها "القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلًا من الإرغام، وهي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين للحصول على النتائج والأهداف المتوخاة من دون الاضطرار إلى الاستعمال المفرط للعوامل والوسائل العسكرية والصلبة؛ لأن القوة لا تصلح إلا في السياق الذي تعمل فيه، فالصاروخ لا يصلح لجذب الآخرين نحونا فلذلك تسمى بالحرب الناعمة؛ لأنها قوة كبيرة وممنهجة وساحبة لكن بشكل لاشعوري. لنبدأ الحديث من الناحية الفكرية، إذ لا تزال نظرية الحتمية التكنولوجية هي (الرسائل وسائل) إن فلسفة التواصل الاجتماعي تشير إلى أنه منصة أولًا، ومحتوى ثانيًا. لقد انجذب الجميع إلى المنصة والأداة الساحرة للتواصل الاجتماعي، التي همشت أهمية المحتوى، وهو ما أوصل إلى انقلاب الأدوار في العلاقة الارتباطية بين المنصة والمحتوى، وهو ما يحيلنا إلى نظرية (الوسائل رسائل) لقد تحدث عددٌ كبير من الخبراء وعلماء الاجتماع عن «ايديولوجيا شبكة الإنترنت والتواصل الاجتماعي»، مؤكدين أنها ليست مجرد أدوات ومنصات رقمية محايدة على الرغم من طابعها التقني، لاسيما التطبيقات والبرامج المشغلة للأدوات والمنصات، حيث يتبين أنها منصات مصممة بنيويًا لخدمة ايديولوجيات معينة ومحددة من قبل القائمين عليها والممولين لها. في دراسات لحقل جاذبية «التواصل الاجتماعي» وجد أنه محتوى وخطاب ايديولوجي اندمج في داخل قالب المنصة، وهو ما يفرض على مستخدميه السياق التواصلي وعدد المشاركين واللغة والأوامر والخيارات والطريق، وشكل الجلوس والحركة، وعدد الساعات المستهلكة يوميًا على متن هذه المنصات، وهذا ما يُفسر لدى الخبراء بسلوك الإدمان والاندماج مع الرقميات، وهو ما يمكن تبسيطه من خلال طرح السؤال والإشكال الآتي: لماذا يقرأ ويتصفح ويتفاعل معظم الناس على مواقع التواصل لساعات طويلة تصل إلى 5 أو 6 أو 7 ساعات لدرجة الإدمان المرضي، ونرى الشباب والشابات يسيرون في الطرق العامة وبأيديهم الهواتف الذكية لا يفارقونها، وحتى أثناء قيادة السيارات والدراجات النارية في مشهد غريب وعجيب، وبالمقابل لا نلاحظ أن لديهم اهتمامًا أو جهدًا لقراءة وتصفح الكتب الورقية، أو للمشاركة في الندوات الثقافية وغيرها من المنصات والأدوات التقليدية؟ ما يؤكد صحة ومصداقية هذا الاستنتاج بالدليل الملموس، هو ما يُسببه فقدان الهاتف الذكي أو قرصنة أو توقف حساب التواصل الاجتماعي فجأة من ارتباك ذهني واضطراب نفسي لدى الناشط أو المستخدم. وفي هذا السياق، يرى الباحث الفرنسي الخبير في التواصل الاجتماعي «باتريس فليشي» أن هناك نموًا مطردًا لأشكال جديدة من العيش والوجود الاجتماعي الذي يقوم على تفاعل فريد بين أنماط مستحدثة من الفردانية وعلى تنظيمات اجتماعية جديدة، يمكن أن نطلق عليه «العيش الجمعي المنفرد» الذي يتشكل في سياق مجتمعات الحداثة السائلة حيث تفقد المؤسسات الاجتماعية صلابتها وتصبح الهويات الفردية متحولة، وعلى هذا النحو يتيح "الفيسبوك"، على سبيل المثال، فضاء ومنصة وقدرة للأفراد لإبراز هوياتهم وعوالمهم وإدارة علاقاتهم الاجتماعية والاندماج في شبكات مهنية وعائلية وسياسية متغيرة وغير مستقرة؛ كما تمتد إلى الاستخدامات السياسية، حيث باتت تمثل منظومة يوظفها الأفراد والجماعات في الولوج إلى الفضاء العمومي والمجال السياسي بشكلٍ خاص، إذ أنه فضاء لا حد له وقابل للتمدد ولاحظنا من خلال الحديث أنه من خلال الاستعمال الخاطئ لمثل هذه الوسائل الاجتماعية نجد انفسنا تحت قالب مفروض علينا بما يتناسب وسياسة هذه الوسائل وليس ما يتناسب مع طبيعة عيشنا وطرق مجتمعنا بالتعامل مع معطيات الأمور. سؤالنا: (هل الجميع يقع تحت هذا القالب الذي تفرضه علينا وسائل التواصل أم هناك فوارق في التعامل معه وهل يقدر الفرد بعد استكشاف المشكلة هذه أن يخلص نفسه بسهولة منها أم أنها مسألة تحتاج الى وقت؟).