تفاصيل الحلقة
الحلقة الرابعة: نظرية الامتداد العقلي لشبكات البحث

إعداد وتقديم: زهراء الطالقاني. المونتاج الإذاعي: رؤى جميل. الضيفة: سارة الحلو - تدريسية و باحثة اجتماعية ومعاونة إدارية في مكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العباسية المقدسة - بكالوريوس علوم كيمياء. محور الحلقة نظرية الامتداد العقلي لشبكات البحث لم يعد أحد أكثر الأسباب إثارةً للقلق، هو ما يسمى «بإدمان الهواتف الذكيَّة»، مجرد مشكلة نادرة. فبعد 20 سنة على نشوء شركة Google، أصبحت خدمات جوجل جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليوميَّة، مما أدَّى إلى تغيير هيكلة بنيتنا الذهنيَّة في حدِّ ذاتها. وهكذا، امتدَّت أدمغتنا إلى الفضاء الإلكتروني، في الحقيقة، هذا ليس من وحي الخيال العلمي، ولكنَّه وليد ما يُعرف بفرضيَّة «العقل الممتد»، وهي النظريّة المعتمدة على نطاق واسع في مجال الفلسفة وعلمي النفس والأعصاب. إنَّ اتّكالنا المتنامي على خدمات البحث والقائمة على الذكاء الاصطناعي، جعلنا نتخلى عن قدر أكبر من مساحتنا الذهنيَّة الشخصيَّة لصالح شبكات البحث وهكذا، بدأت خصوصيَّتنا الفكريّة وقدرتنا على التفكير بحريَّة، بالتلاشي تدريجيًّا. عدا ذلك، بدأت الدلائل تشير إلى إمكانيَّة وجود صلة بين استخدام التكنولوجيا وبعض المشاكل النفسيَّة. بعبارة أخرى، ليس من الواضح ما إذا كانت أدمغتنا قادرة على تحمّل الإجهاد الناجم عن توسّع العالم الافتراضي. وربما نكون قد اقتربنا من نقطة الانهيار. كيف باتت عقولنا متّصلة بغوغل؟ وضع العلماء هذه الفرضية قبل ظهور الهواتف الذكية والجيل الرابع للشبكات الخلوية، لذلك كانت الأمثلة التوضيحية المعتمدة في هذا البحث خيالية نوعًا ما. فعلى سبيل المثال، اعتمد الباحثون مثال الرجل الذي اعتمد على مذكرة في حياته اليومية وجعلها بمثابة الذاكرة الخارجية له. لكن كما أوضحت الأبحاث الأخيرة، تمس فرضية «العقل الممتد» بشكل مباشر هوسنا بالهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المتصلة بالويب. عمومًا، أصبح العديد منا حبيسي هواتفهم الذكيّة منذ الصباح حتى ساعات متأخرة من الليل. فبات من الطبيعي اللجوء إلى خدمات البحث لأنها تغني الفرد عن البحث والتقصي بل تعطيه المعلومة جاهزة مع الشك بمدى صحتها وفي الحقيقة، أضحى اندماجنا الفكريّ مع محركات البحث واقعًا، حيث تعتمد عقولنا بشكل جزئي على خوادم البحث لطلب الاختصار. في الوقت الحالي مثلًا، لم تعد خرائط جوجل تكتفي باطلاعنا على كيفية بلوغ وجهتنا (سواء سيرًا على الأقدام أو بالسيارة أو بوسائل النقل العامة)، بل أصبحت تقدِم لنا اقتراحات حول الأماكن التي قد تنال إعجابنا.)، بل بإمكانها حجز المواعيد عوضًا عنا وإجراء حجوزات للمطاعم. فضلًا عن ذلك، أصبح «جي ميل» يقدم اقتراحات حول ما نرغب في كتابته. كما باتت أخبار جوجل تعرض آخر المستجدات التي لها علاقة شخصية بنا. فقد أسهمت جميع هذه العناصر في تبديد حاجتنا إلى التفكير واتخاذ القرارات بأنفسنا. ويؤكد خبراء أن محركات البحث تعمد إلى سد نقائصنا المعرفية والذهنية. وفي هذه الحالة، ستتلاشى خصوصيتنا الذهنية وقدرتنا على التفكير بحرية. حتى وصلنا الى مرحلة متقدمة لم يعد ما يسمى بـ«إدمان الهواتف الذكية»، مجرد مشكلة نادرة. فعلى وفق تقارير نُشرت مؤخرًا، يتحقق مستخدم الهواتف الذكية الاعتيادي في المملكة المتحدة من هاتفه كل 12 دقيقة. وفي الواقع، هناك مجموعة كاملة من التداعيات السلبيَّة لهذه الظاهرة على النفسيَّة، حيث يُعدُّ الاكتئاب والقلق من أبرزها. في هذه الحالة، يصبح مصطلح «إدمان»، ليس سوى مجرَّد مرادف للاندماج المتقدم الذكر إذ إنّ السبب الحقيقي وراء عجز أغلب المستخدمين عن وضع الهواتف الذكية والتقنيات الرقمية جانبًا، هو أنهم قاموا بادماج استخدامها في طريقة تفكيرهم اليومية. فقد أضحوا فعلًا يفكرون من خلالها، لذلك لا عجب في أن يصبح من الصعب التوقف عن استخدامها. وما يؤكِّد هذا الأمر بدليل ملموس، هو ما يسببه فقدان الهاتف الذكي فجأة من ارتباك ذهني واضطراب نفسي، فهو أمر شبيه بخضوع الفرد لجراحة دماغيَّة. بدلًا من ذلك، يتعيَّن تعلّم التفكير بشكل مختلف من أجل التخلّص من الإدمان والاندماج واستعادة الصحَّة الذهنيَّة، والمدارك العقليَّة. استطلاع مع مختصة: (كيف أحمي عقلي من الوصول الى مرحلة الإدمان على محركات البحث التي تعطي المعلومة خلال ثوانٍ معدودة وهل يعد هذا أمرًا إيجابيًا أن نحصل على معلومة معينة خلال ثوانٍ أم إنه أمر سلبي؟).
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.