تفاصيل الحلقة
الحلقة السادسة: تأثير المنصات الرقمية في بناء هوية جديدة للفرد

إعداد وتقديم: زهراء الطالقاني. المونتاج الإذاعي: رؤى جميل. الضيفة: سارة الحلو - تدريسية و باحثة اجتماعية ومعاونة إدارية في مكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة العباسية المقدسة - بكالوريوس علوم كيمياء. محور الحلقة تأثير المنصات الرقمية في بناء هوية جديدة للفرد شكّل الإنترنت والتواصل الاجتماعيّ والرقميّات عالمًا ثالثًا إلى جانب العالم الأوَّل الذي يتجسَّد في الواقع الموضوعي الخارجي المُعاش، والعالم الثاني المتمثل بالأحلام والرغبات، والعالم الثالث ما استجد من هذه الرقميّات التي تستعير مكوّناتها من تفاعل العالمين الأوَّل والثاني في إطار تشكيل الهويَّة والصورة والتعبير عنهما عليه، توصَّل خبراء التواصل الاجتماعيّ إلى عدد من المفاعيل الأساسيَّة والمؤثرة على هويَّة وثقافة وسلوك الفرد والمجتمع، نذكر أبرزه، إذ ستؤدي المنصَّات الرقميّة دورًا تفاعليًّا متزايدًا يؤثِّر في تشكيل الهوية الذاتيَّة للأفراد من حيث اتصال الأفراد بصورة مستمرَّة ويوميَّة عبر الإنترنت وانتشار وسائل التواصل وزيادة المعلومات إضافة الى القُدرة الهائلة للرقميَّات والمنصَّات على تقليص الاستقلال الفكريّ والثقافيّ للفرد المستخدم واستلابه وإضعاف إنتاجه. إنَّ انخراط الأجيال الشابة الكبير في شبكة الإنترنت في ظل ذاكرة لم تتشكَّل بعد لهم، جعل لثقافة صانعي هذه الوسائل انتشارًا واسعًا، واستُغلت بدورها في نشر فكرها وأديولوجيّتها وسلوكياتها، فهناك علاقة ارتباطيَّة بين الانجذاب للإنترنت والرقميّات ومنصَّات التواصل وبين الاعتلال العاطفيّ والنفسيّ والذهنيّ للأفراد، ووجود إمكانيَّات هائلة لتتحوَّل المنصَّة الرقميّة من وسيلة إلى غاية؛ لأن المنصَّات الرقميّة تعد وسيلة تنفيس للاحتقان الناجم عن التوتّر والقلق المتفاعل بين العالم الحقيقي (باطن النفس) والواقع (قيم وضغوطات المجتمع) إضافة لوجود قدرة لأي فرد على تشويه أكبر قضيَّة بسهولة وبأبخس الأثمان، من خلال قدرة النشر العام دون أي ضوابط وتبيِّن أنَّ الفرد يستكشف هويَّاته المكبوتة عبر الإنترنت والرقميّات في حين كانت سابقًا مُصانة بالخصوصيَّة والستر. همَّشت منصَّات التواصل والإنترنت وسائل الإعلام التقليدي لدى الجيل الجديد، وهي وسائل كانت تحت سيطرة الحكومات والقوى الاجتماعيّة والسياسيَّة المركزيَّة، وكانت تعمل بقواعد مهنيَّة مسؤولة (التلفزيون والصحف والكتب) وأسهمت الرقميّات والمنصَّات في تبديد حاجتنا إلى التفكير واتّخاذ القرارات بأنفسنا، وهو ما يؤثِّر على بناء الشخصيَّة واتّخاذ القرارات والسلوكيَّات وهناك خطورة لمنصَّات التواصل الاجتماعيّ في تجنيد الأفراد عبر سلوك القطيع عن طريق عمليَّات التعبئة والاحتشاد، وهذا ما يسمى بـ "العقل الجمعي" أو "المطابقة الاجتماعية" وهي تسميات لظاهرة نفسية تحدث عندما يفقد الأشخاص قدرتهم على اتخاذ القرار المناسب، ويفترضون أن الآخرين يعرفون أكثر منهم، وأن تصرفاتهم ربما تكون هي الصحيحة، فينصاعون للسائد دون تفكير، فيما يشبه سلوك القطيع. وقد أظهرت نتائج دراسات للتحقق من نشاط الدماغ في هذه الحالة، أن المشاركين يغيرون اختياراتهم عندما يجدونها تتعارض مع رأي المجموعة، وكشفت بيانات الرنين المغناطيسي أن الصراع مع معايير المجموعة ينشّط المناطق المختصة بالتكيف السلوكي في الدماغ، حيث تؤثر توجهات المجموعة على الإدراك وصنع القرار، مما يجعل الأفراد يغيرون آراءهم وسلوكياتهم للتوافق معها. وهو عكس التوافق الاجتماعي الذي يتشارك فيه الفرد مع المجموعة لكي يكون ناجحًا ويتقبله الآخرون، وقد يكون له رأي أفضل من رأي المجموعة في موقف ما. كمثال على "المطابقة الاجتماعية". في صالة انتظار إحدى العيادات، يتم إطلاق نغمة يقف بعدها الجميع، مما يلفت انتباه الشخصية المستهدفة بالاختبار، فتضطر لمجاراة الآخرين وتقف بعد ثلاثة تنبيهات دون أن تعرف سببًا لذلك. وتظل تقف عند سماع النغمة حتى بعد أن تصبح بمفردها، بل إنها تحث الزائر الجديد على مثل فعلها، وعندما يسألها: لماذا تقفين؟ تجيب ببساطة: لأن هذا ما يفعله الجميع. هي ذات الطريقة التي تستخدم في جعل الهوية الحقيقية للإنسان تتبع هوية الجماعة وهي إحدى طرق سلب إرادة الفرد اللاشعورية. استطلاع مع مختصة: (كيف يستطيع الإنسان أن يتجنب موقف تغريب الهوية الالكتروني وألّا يتبع أسلوب القطيع الدارج ويتحاشاه؟).
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.