تفاصيل الحلقة
الحلقة الثالثة: أراجيز المعسكر الحسيني

إعداد: الآء طعمة. تقديم: زهراء فوزي. المونتاج الإذاعي: دنيا الحميري. تتحدث الحلقة عن أراجيز المعسكر الحسيني، حيث بقيت الأُرجوزة بوصفها فنّاً من فنون الشعر حبيسة الدراسات النقدية والأدبية التي تُعنى بجمالياتها الفنّية المحدودة، ومضامينها المقيّدة بسياقها الخاص (ساحة المعركة ومواجهة العدو)، وهو ما يمثّل استجابة تقليدية موجّهة ـ غالباً ـ بطبيعة هذا الفنّ وشرائطه وغاياته التي لا تخرج عن كونه وسيلة من وسائل التعبئة القتالية، وهجوماً استباقيًا يقوم به الراجز لمواجهة الخصم، وإحداث التأثير النفسي المتوخّى فيه، فهي أداة من أدوات الحرب النفسية أو الإعلامية باصطلاحنا المعاصر. لقد حرصت الأُرجوزة على تأكيد معنى المواجهة، بكلّ ما تتضمّنه من دلالات على التعب الشديد والمكابدة، فلن يكون مشروع المصلح جادّاً أبداً إن لم يأخذ في حسبانه بأنّه سيواجَه بالحصار والضغوط والتهديد، ثمّ الحرب في حالة تقدّمه ونجاحه. ولذلك نقرأ إصراراً على ذكر خوض المعركة والدفاع عن عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من أُرجوزة لأصحاب الإمام الحسين عليه السلام، من ذلك أُرجوزة عمرو بن قرظة الأنصاري التي يقول فيها: قد علمت كتائب الأنصار.... أنّي سأحمي حوزة الذمارِ فعل غلام غير نكس شاري..... دون حسين مهجتي وداري من جانب آخر يمكن أن نرى في الشطر الأخير من البيت الثاني، معنى مركزياً أراده الراجز علامة فارقة لأُرجوزته، مؤكّداً شجاعة النفس في محاربة الهوى، بوصف ذلك المحكّ الكبير الذي تُختَبر فيه عزيمة المحارب وثباته. وشبيه بذلك أُرجوزة سعد بن حنظلة التميمي: صبراً على الأسياف والأسنّهْ.... صبراً عليها لدخول الجنّهْ وحور عين ناعمات هنّهْ....... لمن يريد الفوز لا بالظنّه يا نفس للراحة فاطرحنّه..... وفي طلاب الخير فارغبنّه تجسّد الأُرجوزة هنا شكلاً من أشكال التفاعل ما بين استجابتين مختلفتين، فيستحوذ عليها هاجس تكبيت جمهور العدو المتقبّل لخطابه، والواقع تحت هيمنته، فكثيرة هي أصوات الجنود التي كانت تدعو على المعسكر الحسيني بالنار والعذاب الأُخروي لأنّهم خوارج. لذا جاء وصف الجنّة شبه تفصيلي، واختار الراجز البدء بالحور العين، نكاية بالعدو وما يصير إليه قتلاه. وتسلك أُرجوزة عمرو بن مطاع الجعفي مساراً مماثلاً، إذ يقول: اليومَ قد طاب لنا القراع..... دون حسين الضرب والسطاع نرجو بذاك الفوز والدفاع ..... من حرّ نار حين لا امتناع هنا يكون خطاب الأُرجوزة بمثابة ردّ بتفسير مضاد لما أشاعه خطاب السلطة، من أنّ الحرب حربٌ مع خوارج، إذ حرصت السلطة على أن تستعين بكلّ الوسائل التي تقوّي خطابها، وتعزّز من قوّة تأثيره في الجمهور.
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.