تفاصيل الحلقة
الحلقة الخامسة: الأراجيز بين صدى الحق وصمت الباطل

إعداد: الآء طعمة. تقديم: زهراء فوزي. المونتاج الإذاعي: دنيا الحميري. في هذه الحلقة نتحدث عن الأراجيز بين صدى الحق وصمت الباطل، حيث كانت كربلاء كسائر الوقائع والحروب حافلة بالكثير من الأراجيز ذات المعاني العالية، من قبل أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، إلّا أنّ اللافت للنظر أنّ أصحاب عمر بن سعد وجيش السلطة لم يصدر منهم أيّ رجز على الإطلاق، وهذا شيء يدعو للتأمل، فإنّنا قد لا نجد واقعة تخلو من الأراجيز من كلا الطرفين، ففي واقعة الجمل مثلاً: بالرغم من أنّ طلحة والزبير ومَن معهم كانوا في مواجهة أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو الخليفة الشـرعي، وهم الذين نكثوا البيعة، وخرجوا على إمامهم، وبالتالي فإنّ موقفهم مجانب للحقّ تماماً، إلّا أنّهم وجدوا من وجهة نظرهم أنّ هناك قيمة يمكن الدفاع عنها، فارتجز بعضهم بقوله: يا معشر الأزد عليكم أُمّكم.... فإنّها صلاتكم وصومكم والحرمة العظمى التي تعمّكم.... فأحضروها جدّكم وحزمكم لا يغلبنْ سمّ العدو سمّكم.... إنّ العدو إن علاكم زمّكم ومن هذا نبين أنه من كان على باطل لا يرتجز وصوت الحق يعلو ولا يُعلى عليه مهما كانت أدوات ووسائل صوت الباطل، فإن صاحب الباطل لا يعلو صوته أبدًا لا في ميدان الحرب ولا في غيره، وما ذاك إلّا دليل على الهزيمة النفسية التي مُني بها القوم؛ لأنّهم يرون بطلان موقفهم رأي العين، خصوصاً بعد خطب وكلمات أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأصحابه، التي لم تترك عذراً لمعتذر، ولا مجالاً لغير مستبصـر، ممّا جعلهم يقفون حيارى، يلوذون بصمتهم، غير قادرين على جوابه، فضلاً عن مناجزته والرجز في مواجهته. إنّ عدداً من رموز الأعداء والمقاتلين ارتجزوا، وقالوا شعراً في النصر والغلبة على أهل البيت عليهم السلام بعد المعركة، وقد نقل لنا التاريخ ذلك، فلماذا يُنقل ما بعد المعركة، ولا ينقل ما فيها؟! ومن أمثلة ذلك: قول بعضهم أمام ابن مرجانة: املأ ركابي فضّة وذهبا.... أنا قتلت الملك المحجّبا ومَن يصلّي القبلتين في الصبا.... وخيرهم إذ يذكرون النسبا قتلت خيرَ الناس أُمّا وأبا أما اذا تحولنا إلى معسكر الحق قلّما نجد رجلاً من أصحاب الحسين (عليه السلام) نزل إلى الميدان وهو لا يرتجز، خصوصاً أولئك الذين كانت لهم مبارزات فردية، بل إنّ بعضهم له أكثر من رجز، كأبي الفضل العبّاس عليه السلام الذي نقل عنه ثلاث أراجيز، واحدة منها عندما نزل إلى المشرعة، والثانية عندما قطعت يمينه، والثالثة عندما قطعت شماله، فهذه الأراجيز تُعتبر ظاهرة في جبهة الحسين عليه السلام وأنصاره عليهم السلام، وقد كانت أراجيزهم تستهدف معالي الصفات والغايات التي حملوها، ودافعوا عنها، واستشهدوا من أجلها.
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.