تفاصيل الحلقة
الحلقة الرابعة: ما العلاقة التي يجب أن نقيمها ونحن نعيش في عصر الغيبة؟

إعداد: نور الهدى أحمد تقديم: آيات حسون المونتاج الإذاعي: علا نعمة دار محور هذه الحلقة حول التساؤل التالي: العلاقة التي يجب أن نقِيمَها ونحن نعيش في عصر الغيبة؟ للإجابة عن هذا السؤال لابد أن نقول إن القرآن يفسّر بعضه بعضًا؛ فالله عز وجل يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، فهذه الآية توحي لنا بحقيقتين مهمتين: الظهور يتحقق على أيدي المؤمنين المجاهدين ـ إن تحقيق هذا الهدف يتم على يد أولئك المؤمنين الذين قرروا أن يكونوا مجاهدين حقًا، وأن يعقدوا صفقة تجارية رابحة مع ربهم، يجاهدون من خلالها بأنفسهم وأموالهم لينجيهم الرب من العذاب الأليم، ولينالوا رضوانه. وعلى هذا فليس من الصحيح الاعتقاد بأن مسائل غيبية لابد أن تتدخل لتغيير مسار الحياة، فالله تعالى يقول: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ ثم يقول بعد ذلك مباشرة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. ثم يستمر السياق الكريم ليبيّن ماهيّة هذه التجارة، في قوله تعالى: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ... ﴾، فالقضية ـ إذن ـ تتعلق بالإنسان، فهو الذي يجب أن يحمل راية الجهاد، ويضحّي بماله ونفسه، ليحصل بذلك على الجنّة، وينجي نفسه من النار حتى تتحقق إرادة الله في إظهار دينه على الدين كله. جوانب علاقتنا بالإمام: وعلى هذا فإن علاقتنا بالإمام الحجة عجل الله فرجه لها عدة جوانب: 1ـ تهذيب الإنسان المؤمن لنفسه، واهتمامه بأعماله وتصرفاته، لاسيما بالنسبة إلى من تطوّع في سبيل الله من العلماء والخطباء والمجاهدين، لأن علاقة هؤلاء بالإمام أكثر متانة من علاقة غيرهم به، فهم بمثابة ضباط في جيشه، فإن قدّر لهم الخروج في عهده، فلابد أن يراقبوا أنفسهم اشد المراقبة. 2ـ الانتظار الذي يعطي معنى (الإنذار)؛ بأن يكون الجيش في حالة الإنذار القصوى، وإذا كان كذلك فهذا يعني أن يكون سلاحه وعتاده وصفوفه وتنظيماته في مستوى التحدي والانطلاق للعمل في أية لحظة، وهذا هو ما يعنيه (الانتظار). وقد لا يكون الجيش الذي وضع تحت الإنذار الشديد محبًا للقاء عدوه، فترى كل فرد منه يوجس خيفة من قدوم الأعداء، في حين أن المؤمنين الذين يعيشون تحت أعلى درجة للإنذار يحدو بهم الشوق دائمًا إلى لقاء الإمام، وكلما أصبح عليهم يوم جديد سألوا الله عزّ وجلّ أن يكون هذا اليوم موعد ظهور الإمام الحجة عليه السلام؛ لذلك فهم مستعدون في كل لحظة لسلوك الطريق، وقد جاء في تاريخ علمائنا الذين عاشوا أيام السيوف والرماح أنهم كانوا يهيؤون لأنفسهم سيوفًا يتدربون عليها كل يوم جمعة بعيدًا عن أعين السلطات استعدادًا لظهور إمامهم، وإبقاءً منهم على الدرجة العالية من التدريب والاستعداد. وهذا هو المفهوم الحقيقي للانتظار، فهو لا يعني الجمود، وأن نجلس مكتوفي الأيدي، أو أن ننتظر حتى ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، ثم نتدرب على السلاح وننظم صفوفنا فهذا تصور خاطئ لا يرضى به الشرع ولا العقل، فقد قال الله جلّ وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾. فلابد ـ إذن ـ من أن نبادر إلى العمل من الآن استعدادًا لظهور الإمام المنتظر عجل الله فرجه، ولذلك فإن على كل إنسان مؤمن أن يجدد عهده مع الإمام في كل يوم. 3ـ طاعة من أمر الإمام بطاعته؛ فالجندي في المعركة لا ينتظر القائد الأعلى ليأتيه ويخبره بالأوامر والواجبات ولكن عبر مراتب القيادة، ونحن حاليًا نعيش في أيام الانتظار؛ لذا علينا أن نطيع من أمر الله تعالى والإمام بطاعتهم، متمثلين بالفقهاء العدول الذين هم نوّاب الإمام عجل الله فرجه. ومن تكاليف الأمة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى الإيمان بالإمام المهديّ المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، من خلال: الاعتراف بالمهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بصفته إمامًا مفترض الطاعة وقائدًا فعليًّا للأمّة، وإن لم يكن عمله ظاهرًا للعيان، ولا شخصه معروفًا لدى الناس. وهذا من الضروريّات العقائديّة الواضحة، في مدرسة الشيعة الإماميّة، فإنّه الإمام الثاني عشر الموجّه لقواعده الشيعيّة، وهو المعصوم المفترض الطاعة الحيّ منذ ولادته إلى زمان ظهوره. وحَسْبُ الفرد المسلم أن يعلم أنّ إمامه وقائده مطّلع على أعماله وملمّ بأقواله، وأنّ عمله الصالح وتقوية درجة إخلاصه وتعميق شعوره بالمسؤوليّة تجاه الإسلام والمسلمين، يشارك في تحقيق شروط الظهور ويقرّب اليوم الموعود.
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.