تفاصيل الحلقة

الحلقة السابعة: من ينتظر من؟

1445
مشاركة الحلقة
image

إعداد: نور الهدى أحمد تقديم: آيات حسون المونتاج الإذاعي: علا نعمة جاء في هذه الحلقة حديثًا حول من ينتظر من؟ كلنا نقول إننا ننتظر المنقذ العالمي، كلنا نقول إننا ننتظر ذلك اليوم الذي اتفقت عليه الأديان والمذاهب، كلها متفق على ضرورة خروج منقذ عالمي قبل قيام الساعة، كلنا ننتظره، لكن هل أننا ننتظره أم أنه هو الذي ينتظرنا؟! الصحيح هو الذي ينتظرنا، لماذا؟ هناك ثلاث نوافذ من خلالها نعرف أنه هو الذي ينتظرنا. النافذة الأولى: الآية القرآنية، قوله تبارك وتعالى: ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2»﴾ العصر ربما يكون المراد به عصر الظهور أو عصر الانتظار ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2» إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ «3»﴾ [العصر: 1 - 3]، مسؤولية التواصي وهي مسؤولية الرقابة الاجتماعية التي قالت عنها آية أخرى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: 104] هذه المسؤولية ضرورية من أجل تحقيق الانتظار، نحن لا نتكلم عن الانتظار القلبي أو الانتظار اللساني، نحن نتكلم عن الانتظار العملي، عندما يرد عن الرسول : ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“، وفي حديث آخر ”الفرج في انتظار الفرج“ فما هو المقصود بالانتظار الذي هو أفضل الأعمال، أفضل من الصلاة وَالصوم! أفضل من القربات! ما المقصود بها الانتظار؟، الانتظار الذي فيه الفرج ليس المقصود به الانتظار القلبي أو اللساني! إنما المقصود به هو الانتظار العملي، والانتظار العملي. النافذة الثانية: ما ورد في رواية عبد العظيم الحسني، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزه الثمالي، عن أبي خالد الكابلي: ”دخل على الإمام زين العابدين وسأله عن أمل البشرية عن المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) فأجاب الإمام زين العابدين (عليه السلام)* «بكلام فلنطبقه على أنفسنا أيها الإخوة لنسأل أنفسنا هل أننا مصداق لهذا الكلام الذي ذكره الإمام زين العابدين أما لا! لنعرف أننا من المنتظرين حقًا أم لا؟ من المُنتظرين من قبل المهدي عجل الله فرجه الشريف أم لا؟» قال: إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته المنتظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان“، لماذا؟ لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة. إن هذه الرواية ترشدنا بشكل واضح إلى أن عصر الظهور عصر علم لأنه ذكر العقول والأفهام والمعارف، وهذا يعني أنه سيظهر في عصرٍ قد تقدم فيه العلم عندما يبرز أبناء المسلمين في مختلف التخصصات العلمية، في العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، وفي العلوم الدينية، في العلوم الفلسفية، عندها يتحقق الانتصار العلمي، ويتحقق معنى الانتظار العملي. النافذة الثالثة: إن الإمام(عليه السلام) ينص على اجتماع القلوب، ينص على أن تخلو قلوبنا من الحزازات والأحقاد والضغائن، ينص على أن نتحول كلنا كل المسلمين إلى أسرة واحدة تحب بعضها بعضًا ويرحم بعضها بعضًا. الإمام المنتظر يقول لنا إذا أردتم لقاءنا لا يلزم أن يكون لقاء مباشرًا، بل لقاء تسديد، لقاء نصح، لقاء مراقبة، إذا أردتم لقاءنا فعليكم باجتماع القلوب، عليكم أن تجسدوا روح الأخوة «إنما المؤمنون أخوة» الأخوة تعني أن يرحم الغني الفقير، الأخوة تعني أن ترفع من قلبك الغل والحقد «ربنا اغفر لنا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا» الأخوة تعني أن يجتمع كلنا على البناء العلمي والعملي، فإن هذا هو الانتظار. هذا ما ينتظره المهدي منا لا ما ننتظره منه، إنه ينتظر منا أن نتحلى بهذه الخصال الثلاث التي تعرضنا لها فإن بالتحلي بها الانتظار العملي الذي يرتقبه منا الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) . إن للانتظار أهمية (أي انتظارنا نحن للإمام) تحدده الأحاديث الشريفة وباهتمام بالغ على عظمة آثار انتظار الفرج: فبعضها تصفه بأنه أفضل عبادة المؤمن كما هو المروي عن الإمام علي (عليه السلام): ((أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله))، وعبادة المؤمن أفضل بلا شك من عبادة مطلق المسلم، فيكون الانتظار أفضل العبادات إذا كان القيام به بنية التعبد لله وليس رغبة في شيء من الدنيا، ويكون بذلك من أفضل وسائل التقرب الى الله تبارك وتعالى كما يشير الى ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في خصوص انتظار الفرج المهدوي حيث يقول: (طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). ولذلك فإن انتظار الفرج هو (أعظم الفرج) كما يقول الإمام السجاد (عليه السلام)، فهو يدخل المنتظر في زمرةِ أولياء الله. وتعدّ الأحاديث الشريفة أنّ صدق انتظار المؤمن لظهور إمام زمانه الغائب يعزز إخلاصه ونقاء إيمانه من الشك، يقول الإمام الجواد (عليه السلام): (...له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون..) وحيث إن الانتظار يعزز الإيمان والإخلاص لله . عز وجل والثقة بحكمته ورعايته لعباده، فهو علامة حسن الظن بالله، لذا فلا غرابة أن تصفه الأحاديث الشريفة بأنه: (أحب الأعمال الى الله)، لذلك فهو (أفضل أعمال أمتي) كما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). الانتظار يرسخ تعلق الإنسان وارتباطه بربه الكريم وإيمانه العملي بأن الله عز وجل غالب على أمره وبأنه القادر على كل شيء والمدبر لأمر خلائقه بحكمته الرحيم بهم، وهذا من الثمار المهمة التي يكمن فيها صلاح الإنسان وطيّه لمعارج الكمال، وهو الهدف من معظم أحكام الشريعة وجميع عباداتها وهو أيضًا شرط قبولها فلا قيمة لها إذا لم تستند الى هذا الايمان التوحيدي الخالص الذي يرسخه الانتظار، وهذا أثر مهم من آثاره الذي تذكره الأحاديث الشريفة نظير قول الإمام الصادق (عليه السلام): ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العبادة عملاً إلاّ به... شهادة أن لا اله إلاّ الله وأن محمدًا عبدُه ورسوله والاقرار بما أمر الله والولاية لنا والبراءة من أعدائنا ـ يعني الأئمة خاصة ـ والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم (عليه السلام) .