تفاصيل الحلقة

الحلقة الثانية عشرة: الإصغاء والارتقاء

1445
مشاركة الحلقة
image

إعداد: زينب رستم تقديم: حنان حسين المونتاج الإذاعي: رسل باسم محور الحلقة الختامية (الإصغاء والارتقاء) كي نرتقي الارتقاء المطلوب لمهارة وفن الإصغاء علينا أن نستذكر أهم معالم ومحطات الرحلة، التي ارتحلنا معها منذ نعومة أظفارنا وبراءة قلوبنا، في هذه الحلقة سننطلق من النقاط المهمة والمحاور الأساسية التي تحدثنا عنها في حلقاتنا السابقة، الطفل الرضيع يكون قادرًا على التفاعل مع الأصوات وتعبيرات الكلام، قبل وقت طويل من تمكّنه من لفظ كلام مفهوم، واتقانه لغة الكلام يعتمد على إصغائه إلى كلام الأُم، وعلى الأبوين أن يتذكرا أهمية حرصهما على انتقاء جملهما عند حوارهما مع أطفالهما، فقد يعتقد الوالدان أن الطفل عندما يكون مشغولًا بألعابه ولهوه لا يمكن أن يكترث لكلامهما، بينما هو في ذروة انتباهه لحوارهما. هذا في محطة الطفولة، أما في الأسرة: تشير الأبحاث إلى أن العائلات التي تأكل معًا بشكل متكرر على مائدة الطعام من دون هواتف خلوية أو جهاز التلفاز لديها أبناء متزنون وأقل عرضة للقلق والاكتئاب طوال حياتهم، فهذا يسمح للآباء بالإصغاء الجيد لأبنائهم وبالتالي فهم ما يحدث في حياة الابناء اليومية، هل هي حياة سعيدة أم محزنة؟ وفي محطة الزوجين؛ إن هؤلاء الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي يعيرون الانتباه إلى مشاعر وعواطف أزواجهم، لأنهم يكنون مشاعر الاحترام لهم ويهتمون بهم، ويحرصون على التفاعل الإيجابي بكل ما يبديه الزوج الآخر من لفت انتباه، أو عدم تجاهله. كانت المدرسة نُزُلًا رحبًا واسعًا في رحلتنا؛ ‌فالاستماع لما يقوله المعلم بصدر رحب، بل ويتعمد الطالب الاستماع وعدم فقد التركيز، كذلك ملاحظة حركات جسم المعلم الصامتة، ثم التركيز على المعلومات والمعارف المقدمة، ومن أهم خطوات الإصغاء؛ منع عقل وفكر الطالب عن الشرود إلى شيء آخر، وذلك بجهد من المعلم وليس فقط من الطالب، كأن يذكر اسم الطالب فيقول مثلًا: أليس كذلك يا أحمد، و ينبغي على الطالب التخلص من إصدار الأحكام المسبقة، أي ينبغي عدم افتراض ما سيقوله المعلم قبل أن يقوله، لأن ما يفترضه قد يكون خطأ مما يؤثر سلبًا في إصغاء وفهم جميع الطلاب الحاضرين. عزيزتي المصغية؛ في العمل لابد من الاستماع إلى الأشخاص الفاعلين الملتزمين بقواعد وضوابط العمل، والى الذين يبتعدون عن التفريط بالعمل وهم محط ثقة، أما من يثبط العزيمة والهمة في العمل، كمن يكثر الشكوى، وذلك الذي يجعل نظرته بل ومشاكله الشخصية، تسيطر على علاقاته في العمل، فلابد من تجاهله. في محطة الدين ماذا يأمرنا ديننا في الإصغاء؟؛ الإنصات ومتابعة المتحدِّث وعدم مقاطعته، هذه أهم عناصر الإصغاء التي كان بها رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم قدوة لنا، فما قاطع مُتحدِّثًا قط، حتى مع المخالفين له في الرأي والاعتقاد، كان يصغي لهم، وبعد أن ينتهوا، يَردُّ عليهم. وحين اغتربنا في رحلة الإصغاء، اكتشفنا أننا لوكنا نصغي بشكل أساسي لقيمنا وعقائدنا ثم انطلقنا لنصغي إلى بعض ما ينفعنا من ثقافة الغرب فذلك سيكون هو التصرف الصحيح والجوهري لكن ما يحصل اليوم لدى أغلب جيلنا أنه يهمل قيمنا وعادتنا وثقافتنا القيمة، ويتأثر بشكل كبير بثقافتهم. وقد كشفنا في جولة بين الأصدقاء أنه لابد من صداقات الآباء مع أبنائهم وصداقة الملاك التدريسي مع الطلاب، وكذلك صداقات الأزواج فيما بينهم، إضافة إلى صداقات الدراسة، لتطغى هذه الصداقات على أصدقاء السوء، ولكي يكون الإصغاء فعالًا نافعًا. الإصغاء هو سلسلة من المفترض أن تتأصل بين حلقاتها الأساسية لكنها تتقطع غالبًا بسبب عامل قوي وهو عامل خطير بل يد خفية تحمل كل عتاد يفتك بهذه السلسلة، لكن هل يمكن لهذه اليد أن تكون يدًا خضراء تجعل سلسلة متماسكة متنامية ومثمرة تعرفنا على إجابة هذا التساؤل في محطة التكنولوجيا. وعند محطة التقدم في العمر علمنا أن نقل قيم مجتمعنا السامية للأطفال، بواسطة كبار السن له أثر أكبر من تعليمها لهم في المدارس التقليدية، أو بواسطة الأبوين، والسر الحقيقي يكمن في أن الأطفال يكنون احترامًا فطريًا لكبار السن، لذلك فهم يؤمنون بقصصهم وحكاياتهم. فيصبحون لهم آذانا صاغية. والمحطة السابقة كانت مع النقد؛ ليس كل النقد إيجابيًا وليس كل النقاد يهدفون الى الإصلاح فعلينا تقييم النقد وتقييم صاحبه إذا كان أهلًا للنقد فهناك مواضع لا ينبغي الاستماع فيها إلى الناقد، وهنالك أشخاص ينبغي الاستماع لنقدهم. وفي حالة تعرضنا للنقد من عدد من الناس في العيب ذاته أو عادة ما فهنا علينا أن نعلم أنه نقد بناء، وينبغي الإصغاء له. ويستمر الإصغاء في رحلة البناء التي تجول بها في كل محطات الإنسان الى أن يحط رحاله عند بدء رحلته الأبدية رحلة البرزخ والتي يكون فيها الإنسان مصغيًا، من دون مصغٍ إليه، يكون مصغيًا لأعماله التي قدمها طوال حياته تتجسد بأشكال مختلفة، ومصغيًا لحساب السميع العليم إلى ما يشاء سبحانه وتعالى. بعد أن وضعنا جل ركائز البناء الذي يحتاجه الإنسان في حياته الاجتماعية وعلاقاته الإنسانية وكسوناها بالمواد اللازمة، تتبقى زخارفه ومحسنات مظهره لكل شخص حسب ذوقه وأسلوبه، وبهذا تكون رحلة البناء قد حطت الرحال فيه نزلًا مريحًا قد تنطلق منه رحلة أخرى، وتستمر الرحلات بقيادتكِ عزيزتي المصغية، وفي حلقتنا الختامية هذه نأمل أن تكوني قد ارتقيتِ منزلة عالية من الإصغاء بعد ارتحالك معنا، في كل هذه المحطات.