تفاصيل الحلقة
الحلقة السابعة: التكرار البلاغي في خطبة السيدة زينب (عليها السلام)

إعداد: سارة عامر تقديم: أيات الخطيب الإخراج الإذاعي: سلمى العلي الضيفة: كريمة المدني تسلط هذه الحلقة الضوء على واحد من أبرز الملامح الفنية التي ميّزت خطب السيدة زينب (عليها السلام)، وهو التكرار البلاغي، ذلك الأسلوب الذي منح كلماتها قوة إيقاعية وأثرًا وجدانيًا عميقًا. لقد جمعت (عليها السلام) في خطابها بين البلاغة والفصاحة وبراعة البيان، وبين الحماسة وقوة الحجة في مواجهة الطغيان والدفاع عن العقيدة. وقد أكد الإمام زين العابدين (عليه السلام) مكانتها العلمية بقوله: «عمّة أنتِ بحمد الله عالمة غير معلّمة، وفهمة غير مفهّمة». التكرار عندها لم يكن مجرد حيلة لفظية، بل أداة لإبراز المعنى، وتوكيد الموقف، وشحذ الهمم، وبث الحماسة في القلوب. في مشهدها أمام أهل الكوفة، دوّى صوتها كالرعد، وهزّ العقول والقلوب، مرددة: «ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسًا تعسًا! ونكسًا نكسًا!». تكرار الألفاظ هنا جاء بصيغة النكرة ليضفي على المعنى بعدًا تهويليًا وتعظيمًا للإنكار. كما استثمرت التكرار في تراكيبها، كقولها «سيد شباب الجنة» مقرونًا بـ «سليل النبوة»، لتجعل المعنى أكثر وقعًا، ولتكشف عن حجم المظلومية. هذا التكرار كان سلاحًا إعلاميًا بليغًا، يعمق الرسالة في وجدان السامعين، ويخلّدها في الذاكرة الجمعية للأمة. كما يطرح التكرار تساؤلات حول أثره، الإيجابي حين يرسّخ الحقائق، والسّلبي إذا كرّس الخوف أو اليأس. في خطبها، لم يكن التكرار مثيرًا للرهبة بقدر ما كان باعثًا على الوعي، وكاشفًا للحقائق، ودافعًا للثورة على الظلم. لقد وظّفت السيدة زينب (عليها السلام) هذه الأداة بأسلوب متوازن، يجمع بين التأثير العاطفي والعمق الفكري. أحدثت كلماتها أثرًا بالغًا في نفوس أهل الكوفة، حتى ارتدوا على أعقابهم نادمين حيارى. وجاء خطابها الختامي كذروة بلاغية، تحوّل فيها الكلام إلى مدرسة فكرية وموقف تاريخي خالد. خطبها كانت إعلانًا متواصلًا للثبات والصبر والتضحية، ورسالة مفتوحة ضد الفساد والطغيان. وهكذا، ظلّت كلمات السيدة زينب (عليها السلام) نبراسًا يهدي الأجيال، وأسلوبها البلاغي مدرسة قائمة بذاتها في فنون المقاومة بالكلمة.
الأرشيف الإذاعي
في هذا القسم تجد جميع تفاصيل الأرشيف الإذاعي والبرامج المنجزة.
آخر الحلقات

