تفاصيل الحلقة

الحلقة الثامنة: الأمثال في خطبة السيدة زينب (عليها السلام)

22 صفر الخير 1447
مشاركة الحلقة
image

إعداد: سارة عامر تقديم: أيات الخطيب الإخراج الإذاعي: سلمى العلي الضيفة: الإعلامية آلاء طاهر/ مديرة معهد أديبات الطف التابع للعتبة الحسينية المقدسة تتناول هذه الحلقة الأثر البلاغي والإعلامي لخطبة السيدة زينب (عليها السلام) في الكوفة، تلك الخطبة التي واجهت بها الطغيان وأعادت تعريف مفهوم الكلمة في معركة الحق ضد الباطل. فقد وقفت العقيلة شامخة في وجه الجمع، تتحدث بلسان الحق، لتكشف زيف القوم وخيانتهم، وتفضح تناقضاتهم بأسلوب قرآني راسخ في النفوس. اعتمدت في خطابها على التشبيه وضرب الأمثال، وهو أسلوب قرآني بليغ يجمع بين عمق المعنى وقوة الصورة، فيقرب الفكرة ويغرسها في الوجدان، ومن أبرز ما استشهدت به مثل المرأة التي نقضت غزلها من بعد قوة، لتصف به أهل الكوفة الذين نكثوا العهود وتخاذلوا عن نصرة أئمة الحق، هذا التشبيه القرآني كشف السبب الجوهري في إخفاقهم المتكرر، إذ كانوا يفتقدون الثبات على المبدأ، ويغلب عليهم التقلّب والمصالح. وبهذا ربطت العقيلة حالهم بخرقاء مكة التي اشتهرت بالعبث والغفلة، لتجعل الصورة أوقع وأشدّ تأثيراً. لم تكن الأمثال عندها مجرد صور بلاغية، بل كانت أداة إعلامية واعية، استحضرت بها القيم الدينية والأخلاقية في مواجهة مجتمع متهالك، كما شكّلت الأمثال وسيلة لإعادة تشكيل الوعي الديني، إذ أيقظت الغافلين على عواقب الغدر والخيانة، وحفّزت على التمسك بالصدق والوفاء. أحدثت خطبتها هزة نفسية عميقة، وحفرت كلماتها في ضمائر الحاضرين أثراً لا يُمحى مع الزمن. لقد تحوّل خطابها إلى مدرسة في الإعلام الرسالي، حيث امتزجت قوة الكلمة بالرمز القرآني في صناعة وعي جماهيري مقاوم، وفي أجواء الصمت المهيب، ملأت كلماتها المكان بالقوة والصدق، كأنها تصوغ تاريخاً جديداً للأمة. أما الأثر الإعلامي لخطبتها فقد تجاوز حدود اللحظة، ليصبح مثالاً خالداً على قدرة البلاغة على مواجهة الطغيان. إن الأمثال التي استخدمتها السيدة زينب (عليها السلام) جسّدت وظيفة الإعلام الحق، في ترسيخ القيم، وكشف الزيف، وبناء وعي مقاوم للظلم، وهكذا أثبتت العقيلة (عليها السلام) أن الكلمة الواعية قد تعادل في قوتها السيف، بل تفوقه أثراً في النفوس والأجيال، فببلاغتها صاغت خطاباً خالداً لا يزال حيّاً في الوجدان، يذكّر بأن الحق لا يُهزم ما دام في الأمة لسان ناطق بالصدق والعدل.