تفاصيل الحلقة

الحلقة الثالثة: كيفية توظيف الاختلافات بين البشر

1445
مشاركة الحلقة
image

إعداد: نور الهدى أحمد. تقديم: آيات حسون. المونتاج الإذاعي: دنيا الحميري. دار محور هذه الحلقة حول كيفية توظيف الاختلافات بين البشر حيث أن القرآن الكريم يشير الى أن الهدف من جعل ذلك الاختلاف بتعدد أشكاله هو (التعارف) أو بحسب تعبير أهل البيت (التعايش)، فتلك الاختلافات مدعاة للتكامل بين أفراد البشر وإذا أردت أن ترى ذلك وجدانًا فانظر الى نتائج الاختلافات، فانظر الى أن الاختلاف في المستوى العلمي جعل بعض الناس علماء والبعض الآخر جهلة مما يستدعي أن يتعلم الجاهل من العالم فالمريض يرجع الى الطبيب والجاهل الى العالم، والاختلاف في المعيشة والاقتصاد جعل بعضهم مزارعًا والآخر سائقًا وبائعًا وهكذا، وقد قيل: الناس للناس من بدوٍ ومن حضرٍ بعضُ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ والاختلاف في الألسنة جعل لكل مجموعة من البشر لغتها الخاصة التي تتفاهم بها أفرادها. فالاختلافات لا تدعو الى التناحر بقدر ما تدعو الى التعارف والتوافق، هكذا هو الإسلام؛ لذا تراه قد صهر في بوتقته الخلافات بين الأوس والخزرج وألّف بين قلوبهم وجعل الناس سواسية كأسنان المشط. ثم إن الإسلام عمل على أن يكون المسلمون وحدة واحدة تجمعهم أصولهم العقائدية المتفق عليها فشعائرهم واحدة وصلاتهم واحدة وصومهم في شهر واحد وقبلتهم واحدة وحجهم لمكان واحد. فالإسلام يدعو الى الوحدة. روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال "فإنهم (أي الناس) صنفان أما أخ لك في الدين، واما نظير لك في الخلق" إذن الإسلام يؤكد على مبدأ التعارف والتعايش، عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: "صلاح شأن الناس التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطن وثلث تغافل". وروى زيد الشحام عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: "يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم، صلوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفرًا، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه". فهذا هو ما يدعو اليه الإسلام، وما هذا التناحر والتنافر الذي نراه بين أفراد البشر الا أثر من آثار الابتعاد عن القرآن الكريم وتعاليمه القيمة وهذا ماحكاه القرآن عن اليهود والنصارى حيث يقول عز من قائل "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ"، فهذا هو الاختلاف الحاصل بينهم ولكنهم غفلوا عن أساس الوحدة بينهم (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ) وهذه الحالة ليست خاصة باليهود والنصارى، بل هي عامة لكل أبناء الدين المختلفين ...