تفاصيل الحلقة

الحلقة السابعة: الإمام الحسن (ع) وصفة الكرم

16 ربيع الثاني 1443
مشاركة الحلقة
image

إعداد: آلاء طعمة. تقديم: سوسن عبد الله. المونتاج الاذاعي: خديجة الموسوي. إن من المعالم البارزة في سيرة الإمام الحسن "ع"، والصفات المميزة لشخصيته العظيمة، اهتمامه برعاية الفقراء، وجوده وسخاؤه، على المحتاجين والمعوزين، حتى اشتهر بصفة (كريم أهل البيت) وكلهم كرماء أسخياء، لكن الظروف الاجتماعية ساعدت على بروز هذه الصفة الجليلة في شخصيته أكثر. فصحيح مستمعتي أنه لا يكاد يخلو مجتمع من وجود الفقر والفقراء، الذين لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم بجهودهم الذاتية، إما لعجز لديهم يمنعهم من العمل والكسب، أو لأن ظروفاً اجتماعية تحرمهم فرص الحركة والإنتاج، أو تعوق نشاطهم الطبيعي، لكن بعض الظروف الاجتماعية غير العادلة، قد تزيد من رقعة الفقر، وتضاعف عدد الفقراء، وهـذا ما حصـل في عهـد الإمام الحسـن "ع"، فالسياسة الاقتصادية التي اعتمدها الأمويون، كانت على حساب مصالح الناس وأرزاقهم، وكانت مخالفة لسياسة الخلافة الراشدة التي عرفها المسلمون قبل الحكم الأموي، ومن ناحية أخرى فقد حصدت معارك الحرب التي نشبت في عهد الإمام علي "ع" عشرات الألوف من المسلمين، كما أعلن معاوية الحرب الاقتصادية على أتباع أهل البيت عليهم السلام، حيث كتب إلى عماله وولاته على جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه. هكذا وجد الإمام الحسن ( ع ) نفسه في مجتمع كثر فيه المعوزون وذوو الحاجات، والضمير الإنساني الذي يحمله الإمام، ومعرفته الحقيقية والكاملة بمبادئ الدين ومقاصده، وموقعيته القيادية كإمام وراع حريص على مصلحة الإسلام والمسلمين.. كل ذلك يجعله في موقع المهتم والمتصدي لهذه الحالة الاجتماعية، ولا يمكنه ان يأخذ موقف اللامبالاة، او الاهتمام الجزئي المحدود، لذا مستمعتي فقد نذر الإمام نفسه، ووظف امكاناته وما تحت يده، لمساعدة من حوله من فقراء المجتمع ومحتاجيه. وحينما اضطرته الظروف للصلح مع معاوية، كان مستقبل هؤلاء الفقراء والمحتاجين، وخاصة الذين جاءت معاناتهم كإفراز لتلك الظروف غير العادلة، كان ذلك ماثلاً في تفكيره ورؤيته، لذا نجد الإمام يخصص مادة من بنود اتفاقية الصلح، لمصلحة هؤلاء المتضررين، بالنص على التزامات مالية محدودة. إن تعاليم الدين واضحة في رفض حالة الفقر ومكافحتها، بنفس درجة رفض الكفر ومقاومته، وإن بقاء الفقراء على حالة الفقر يكشف عن خلل كبير في التوازن الاجتماعي، وعن فقدان العدالة والتكافل، ذلك أن الله تعالى الذي خلق الناس تكفل بمعيشة ورزق كل واحد منهم، بل وكل كائن حي.. يقول تعالى ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ وهذا الرزق مودع في كنوز الكون وخيراته، فعلى كل إنسان أن يعمل لاستخراج حصته، ولكن من لا تساعده ظروفه الجسمية أو الاجتماعية على أن يأخذ حصته من خيرات الكون مباشرة، هل يسقط حقه ويعيش محروماً؟ كلا مستمعاتي وإنما فرض الله تعالى على القادرين أن يعطوا ذلك الفقير ما يسد حاجته، يقول تعالى﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾. فإذا امتنع القادرون عن إعطاء الفقراء حاجتهم ومعيشتهم، فذلك ظلم واعتداء، والمطلوب اذاً مستمعتي ليس فقط تقديم شيء من المساعدة للفقير، وإنما إخراجه من حالة الفقر، وهذا ما نلحظه من سيرة الإمام الحسن وسيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فإذا ما جاءهم فقير، أعطوه بسخاء، ما يستعين به على تسيير أمور حياته، فالاهتمام بالفقراء والمحتاجين هو مقياس التدين الصادق، كما يقول تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.